الجمعة، 19 يونيو 2015

وتزودوا فإن خير الزاد التقوى




وتزودوا فإن خير الزاد التقوى

 خطب, خطبة الجمعة, خطبة الجمعة مكتوبة للشيخ السديس, خطبة يوم الجمعة عن, خطبة رمضان ,خطبة شهر رمضان , الخطبة الاولى في شهر رمضان ,خط , خطبة ,خطبه ,خطبة اليوم ,خطبة يوم ,درس , خطبة عن التقوى ,


الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، جعل الصيام جنة، وخصص للصائمين بابا موصلا إلى الجنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، الداعي إلى أفضل الأعمال، وأحسن الأقوال، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السمـوات والأرض أعدت للمتقين).
أيها المسلمون: لقد أنعم الله تعالى علينا ببلوغ رمضان، وشرع لنا فيه أنواع الخير والإحسان، فهو نعمة عظيمة، ومنة كريمة، فحري بالمرء أن يشكر خالقه على شهود هذه النعمة، ويحسن اغتنامها في الخيرات، واستثمارها في الطاعات، فرمضان ليس له في الشهور معادل، ولا لأيامه في الخير مماثل، وهو شهر تميز بالعبادة، صيامه فريضة، وقيامه شعيرة، موسم الرحمة والغفران، والفوز بالدرجات العلى والرضوان، وقد غمرنا بنفحاته الزكية، ولياليه المباركة، وأيامه البهية، وهي أيام قليل عددها، كثير خيرها، وصفها ربنا عز وجل بقوله:( أياما معدودات).
فطوبى لمن استقبله استقبال المدرك لقيمته، الحريص على اغتنامه، قال الله عز وجل:( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
عباد الله: إن فضل الصيام عظيم، وقدره كبير، فقد رفع الله تعالى شأن الصائمين، وخصهم بباب في جنة النعيم، لا يدخل منه غيرهم يوم الدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد».
وخص الله عز وجل الصيام بالفضل، ووعد عليه بعظيم الأجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به». والصائمون موعودون بتكفير السيئات، ومغفرة الذنوب والزلات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». أي : من فعل ذلك إيمانا بفرضية صيام رمضان، وطلبا للمغفرة فيه من الرحمن؛ نال الرحمة والغفران، فيا فوز من استحضر نيته، وأخلص لله صيامه، واستوفى شروطه وفرائضه، فكان من الفائزين الأبرار.
أيها الصائمون: إن للصيام سننا وآدابا جليلة تجدر مراعاتها، منها: حفظ اللسان والجوارح عن اللغو والآثام، والتزام أجمل الأخلاق في الأقوال والأفعال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». وقال صلى الله عليه وسلم مؤكدا على ذلك:« إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم». فما أجمل أن يصوم المرء ويصوم معه سمعه وبصره ولسانه وجميع جوارحه، ويصلح ما بينه وبين الخلق، فتكون مخالطته لهم تعاونا على البر والتقوى، والتزاما بالخلق الجميل قولا وعملا، ويكون في حديثه صادقا، وفي معاملاته أمينا، وفي عمله متقنا، وفي مواقفه معتدلا متسامحا.
أيها المسلمون: رمضان شهر القرآن الكريم، قال تعالى:( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان). يتلوه المسلم بتدبر وخشوع، فتفيض عليه معاني الآيات، بما فيها من عبر وعظات، فتأنس نفس المؤمن، وتسكن روحه، قال سبحانه:( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على تعاهد القرآن الكريم وقراءته، وخاصة في رمضان، فيقول:« الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: رب منعته الطعام، والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، فيشفعان». فيا بشرى من كان للقرآن تاليا، ولمعانيه متدبرا، وبأوامره عاملا. ومن ذلك أيضا: كثرة الدعاء، والتوجه إلى الله تعالى بالرجاء، قال سبحانه:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون). والصائم قريب من الله تعالى، مستجاب الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم».
فهنيئا لمن أكثر من الدعاء لنفسه وأهله ووطنه والحاكم، وعود لسانه على الاستغفار، وذكر الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار، قال سبحانه :( واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار).
وإطعام الطعام، وإفطار أهل الصيام، من أبواب الخير التي حث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، ووعد فاعلها بالأجر الجزيل، والثواب العظيم، فقال صلى الله عليه وسلم :« من فطر صائما كان له مثل أجرهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيء».
وكثرة الصدقة والإنفاق والإحسان من وجوه الخير في رمضان، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.
فاللهم تقبل صيامنا وقيامنا، وصالحات أعمالنا، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.   

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن من صفات المؤمنين الأبرار الاستعفاف، والتنزه عما في أيدي الناس، فالمؤمن شاكر لأنعم الله، راض بما أعطي، قانع بما قسم له، وقد حثنا ديننا الحنيف على هذه الأخلاق الكريمة، والقيم الرفيعة، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال:« جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وعش ما شئت فإنك ميت، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس». وقال النبي صلى الله عليه وسلم:« من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله».
وقد حث الإسلام على اكتساب الرزق والعمل، ليعف المرء نفسه، ويقوم بحوائج أهله، فلا يسأل أحدا، لأن التسول يسيء إلى الفرد والمجتمع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« لأن يأخذ أحدكم أحبلا، فيأخذ حزمة من حطب، فيبيع، فيكف الله به وجهه، خير من أن يسأل الناس، أعطي أم منع». ولنعلم أن التسول ممنوع، فلنتعاون مع الجهات المختصة في الإبلاغ عنهم.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا». وقال صلى الله عليه وسلم:« لا يرد القضاء إلا الدعاء».
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم وفقنا لاغتنام رمضان، وأعنا فيه على الصيام والقيام وتلاوة القرآن، واجعلنا فيه من الفائزين المقبولين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد، وأدم عليه موفور الصحة والعافية، واجعله يا ربنا في حفظك وعنايتك، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا.
اللهم إنا نسألك المغفرة والثواب لمن بنى هذا المسجد ولوالديه، ولكل من عمل فيه صالحا وإحسانا، واغفر اللهم لكل من بنى لك مسجدا يذكر فيه اسمك.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم احفظ دولة الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين.
عباد الله:( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).